يرويها نايف - السعودية |
في العام 1989 كنت نزيلاً في السجن العام في مدينة الدمام السعودية حيث قضيت هناك 5 سنوات، وخلال مكوثي في السجن تعرضت لحالة غريبة هزت كياني ومشاعري وشغلت كل تفكيري حتى اتهمني جميع الناس بالكذب و التخريف وأن السجن أفقدني صوابي.
الزيارة الأولى
كان لدي صديق تربطني به علاقة شخصية قوية منذ سنين الطفولة، وكنت أترقب زيارته لي في السجن منذ الأيام الأولى لدخولي فيه ( علماً أنني كنت تحت الحظر من الزيارة لمدة 3 أشهر ) وبعد رفع الحظر كنت أترقبه بشغف إلا أنه لم يأت، وأخيراً قام بزيارتي في السجن وتحديداً في شهر رمضان من عام 1991، وكانت طريقة الزيارة في سجن الدمام تتم عبر نافذة زجاجية صغيرة يستطيع من خلالها السجين و الزائر رؤية بعضهما البعض ويتم نقل الصوت بين الطرفين عن طريق ثقوب أسفل النافذة، سألت صديقي عن سبب تأخره في هذه الزيارة حيث لم يزرني إلا بعد سنتين من سجني فأجاب بأنه كان مشغولاً جداً وللتو انتهى من عمله ! ، فتساءلت عن الشغل هذا الذي يمنعه من زيارتي لمدة 5 دقائق فقط ، فقال : " والله العظيم ...الشغل الذي أنا فيه لم يمكنني من زيارتك ! " ، شعرت بأنه يكذب فقمت بتغيير مجرى حديثي معه إلى أن ودعته وانتهت الزيارة لكنني طلبت منه أن لا ينساني ولا يتأخر في زيارتي لأنني سجين وأفرح كل الفرح بأي زيارة من شخص أعرفه خصوصاً عندما يكون هذا الشخص عزيزاً على قلبي، فوعدني بأنه سيزورني بإستمرار !
ما لفت انتباهي أن عيناه كانت تبرقان بشدة حتى أنني شعرت بنوع من الرهبة لم أحبذ ها منه أو حتى الاستفسار عنها. ترقبت زيارته في موعد الزيارة التالي ولكنه لم يأت، فسألت أحد أقاربي عنه وقال بأنه مسافر، وسألت صديقاً آخر زارني فقال بأنه انتقل للسكن في مدينة أخرى، وكل شخص يزورني يعطيني جواباً مختلفاً ومتناقضاً .
الزيارة الثانية
أخيراً زارني هذا الصديق بعد أن تأخر لشهور عدة !، ولكنني هذه المرة عاتبته بشدة على كل هذا التأخير الذي لم أجد له مبرراً على الإطلاق، ولما سألته عن سبب التأخير قال كلاماً غريباً لم أتذكره بالكامل لدى خروجي من السجن، وما أذكر منه أنه قال أنه لم يتأخر مطلقاً وأنه لحصول إصطدام بين نظام عالمه وعالمي !! ، وأنه يعيش في عالم لا يوجد فيه زمان أصلاً ولذلك لا يستطيع أن يعرف أنه تأخر أو لم يتأخر ! ، ولذلك فإنه يعتذر عن مواصلة الزيارة لأنه قد تحصل مشكلات أخرى ، فقلت له : " هل أنت مجنون ؟ أم أصابك شيء في عقلك أثناء وجودي في السجن ؟ " ، ولكنه تبسم وقال : " أنا أزورك الآن ولكنك بالتأكيد ستزور عالمي في يوم ما " ، فضحكت وقلت له : " هل أنت في المريخ أم عطارد ؟ أم انتقلت إلى عالم الجن ؟ " ، فقال : " أحب أن أزيدك يا صديقي أن عالمي ليس عديم الزمان فقط بل أنه عديم المكان ايضاً !! " ، فقلت له : " يبدو أنك كرهتني بعد دخولي للسجن ولكن لا بأس فأنت حر " ، فودعته وكانت هذه آخر زيارة له لي.
وكما حدث في الزيارة الأولى له لفت انتباهي عيناه اللتان كانتا تبرقان بشدة ، كما أنه تكلم عن أشياء أخرى غريبة لمأعد أذكرها مع الأسف ، . ولكنني شعرت حينها بأنه وقع في ورطة معي ويحاول تبرير تأخره في زيارتي بشتى الطرق ولذلك لم أعير كلامه أي اهتمام بل لم أركز فيما كان يقوله لأن تأخره عن زيارتي في السجن كان غير منطقي مطلقاً.
الخروج من السجن
في العام 1994 خرجت من السجن والحمد لله تعالى على كل حال، استقبلني الأهل و الأصدقاء، وبعد أيام بدأت أسأل عن معارفي عنه فهو حتى لم يستقبلني بعد خروجي من السجن ! ، فقالوا لي بأنه " مات " ، أصبت بالذهول وقلت : " متى مات وكيف ؟ " ، فأخبروني بأنه قتل في حادث سير وقع له وذلك بعد دخولي السجن بأيام قليلة، أي في العام 1989. لم أصدق أنه مات في ذلك التاريخ إلا بعد أن تأكدت بنفسي وزرت قبره ورأيت شهادة وفاته ! ، فأخبرتهم بأنه قد زارني في السجن مرتين الأولى بعد تاريخ موته بسنتين ! ، إلا أنهم لم يصدقونني ابداً .
مواجهة بعدم التصديق
هناك من قال بأنني أمزح وهناك من قال بأنني أكذب وهناك من قال بأن ما أقوله أوهام بسبب أثر صدمة سماعي لخبر وفاته ، وهناك من قال لي بأنني رأيته في الحلم أثناء وجودي في السجن ولم أره حقيقة ولكنني كنت بكامل قواي العقلية سواء خلال وجودي في السجن أو خارجه ! ، سألت أصدقائي : " لماذا كذبتم علي عندما سألتكم عنه وأنا في السجن ؟ مرة تقولون بأنه مسافر ومرة تقولون بأنه ذهب للعيش في مدينة أخرى ! " . فقالوا: " لأننا نعلم بأنك تحبه ولذلك لم نشأ أن نزعجك بخبر وفاته وأنت داخل السجن ! " ، فقلت لهم : " أنني لم أسألكم عنه إلا بعدما زارني للمرة الأولى وبعدها زارني المرة الثانية و الأخيرة ! ، حيث زارني كما أنتم تزورونني تماماً" ، ثم ذكرت لهم كلامه الغريب لي عندما زارني في المرة الثانية فاقتنع الكثير بصدق كلامي ولكنهم نصحوني بترك الأمر لله عز وجل وعدم التفكير فيه.
أحد أصدقائي اقتنع بصدق كلامي فطرح فكرة أن نذهب لمدير السجن ونسأله إن كان هناك تسجيلاً لكاميرات المراقبة للعام 1991 ، لكن مدير السجن طردنا وقال لنا كاميرات المراقبة هناك في مستشفى المجانين ! حاول صديقي إقناعه بأنه لو توفر هذا الشيء فسيحدث هزة مدوية في كل وسائل الإعلام العالمية ولكنه رفض التعاون وقال هذه خرافات ومسخرة ! وطردنا من مكتبه ! أنا الآن أبحث عن تفسير وهل يمكن للميت أن يزور الحي ؟ إذا كان من غير الممكن فكيف زارني إذاً ؟
يرويها نايف (48 سنة) - السعودية
ملاحظة
- نشرت تلك القصص وصنفت على أنها واقعية على ذمة من يرويها دون تحمل أية مسؤولية عن صحة أو دقة وقائعها.
- للإطلاع على أسباب نشر تلك التجارب وحول أسلوب المناقشة البناءة إقرأ هنا .
إقرأ أيضاً ...
- كيف يتواصل أحباؤنا الموتى معنا ؟
- تجارب واقعية : زائر يصل في موعد وفاته
ممكن الموضوع يحتاج الى نقاش
ردحذف